*البداية :*
زوجان افترقا بصورة ودية وبالتراضي دون إنجاب، لكن الزوج تفاجأ بزوجته ترفع عليه دعوى نفقة، فهرول إلى المحكمة يتلبده الذهول والحيرة في المحكمة كانت المفاجأة الضاجَّة.. الزوجة تدعي أنها أنجبت منه.. كيف!! من هنا بدأت خيوط قضية غاية في الغرابة والإثارة.
أصل الحكاية
تعود تفاصيل القصة إلى أن الزوجين تعثرا في الإنجاب. ذهبا للأطباء فأشارت تقارير الكشف المخبري إلى عدم وجود أي عيوب خُلقية أو أمراض تُحيل دون إنجاب الاثنين. ومن هنا بدأت رحلة البحث عن "طفل" وطرقا جميع أبواب الطب بكل أنواعه.
أخيراً قررا الدخول في تجربة "أطفال الأنابيب" عن طريق تلقيح البويضة خارج الرحم (مركز إخصاب).. لكن الزوج لم ينتظر نتيجة "طفل الأنابيب" فقرر الزواج للمرة الثانية.
القرار كان صاعقاً للزوجة الأولى فرفضت الأمر وطالبت بالطلاق.
ولم تكن تتوقع أن يتخلى عنها زوجها فيضطر للتخلي عن فكرة الزواج الثاني.. وصعقت بقراره أنه سيكمل إجراءات الطلاق، بل وإلغاء إقامتها في البلد العربي الذي تقيم فيه مع زوجها.. فرضخت للأمر الواقع ولكنها أضمرت في نفسها.
فكرة شيطانية
كيد النساء عظيم كما تقول الآية (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ..).. فبعد طلاق الزوج لزوجته بعدة شهور نشأت فكرة شيطانية للزوجة المطلقة. ذهبت إلى مركز الإخصاب الذي كانا يتعالجان فيه، وطلبت منهم الاستمرار في محاولة التخصيب لبويضاتهما المحفوظة بالمركز، وكان لها ما أرادت. وبعد محاولتين هاتفها المركز يُفيد بنجاح العملية وأن الجنين الآن في شهره الثاني وطلبوا منها الحضور لاستكمال الإجراءات الطبية اللازمة لنقل البويضة إلى رحمها لتكمل مسيرتها الفطرية.
وتحقق لها حلم حياتها وحملت ووضعته ذكراً وألحقته باسم أبيه (طليقها) بُغية إثبات نسبه له وتحقيق حُلم حياتها.
كل هذا دون أن يكون لطليقها أي علم بالدراما التي تجري من وراء ظهره.
إعلان محكمة
كان طليقها يتمتع بحياة مستقرة مع الزوجة الجديدة حينما تسلم إعلاناً من المحكمة للمثول أمامها لنظر الدعوى المقدمة من زوجته السابقة (طليقته).. تطالب فيها بـ (النفقة). واعتقد الزوج أنها أمور عادية ومطالبات نفقة ومؤخر صداق ومطالبات أخرى في السياق الذي يمكن أن يحدث بين أي طليقين، فأخبر محاميه للذهاب للمحكمة ودفع ما تطلبه زوجته السابقة وإغلاق هذه الصفحة إلى الأبد بعد أن أنعم الله عليه بالولد من زوجته الجديدة .
المفاجأة.. (جالك ولد)
وفي الجلسة الأولى كانت المفاجأة الداوية .. محامي الزوج "طليقها" فوجئ بغرابة طلب طليقة موكله.. مطالبتها (إثبات نسب) ابنها لأبيه (زوجها السابق)..
في الجلسة التالية بعد أن مثل الزوج السابق أمام المحكمة أخبر القاضي أنه طلقها قبل عام ونصف.. فكيف ينجب منها!!. أمر القاضي بتحليل (الجينات الوراثية) المعروفة علمياً بـ(DNA) وهو فحص أصبح متوفراً في المعامل الجنائية بالسودان.
أجرى الفحص وكانت المفاجأة الصاعقة للزوج.. نتيجة التحليل (الطفل.. ابنك).. لكن الزوج السابق واصل في إنكاره.. كيف ينجب وهو بعيد عنها لأكثر من عام ونصف.
كشف المستور
بعدها جلس الزوج مع محاميه وناقشا الأمر سويا، وتذكر أنه مع زوجته الأولى (طليقته) كانا يُتابعان في مركز للإخصاب.. ونصحه بزيارة مركز الإخصاب ومحاولة أخذ الملف الخاص بحالتهما أو الإطلاع عليه و محاولة معرفة الحقيقة.
ولأن المفاجآت في القصة لا تتوقف، تفاجأ الزوج بأن عملية التخصيب تمت بعد الطلاق.. ولا يوجد توقيع الزوج بالموافقة على أوراق العملية.
هنا رجع المحامي إلى المحكمة وأخبر القاضي أن الزوجة حملت من طليقها دون إذنه أو موافقته وأنها (زوَّرت) أوراق العملية في مركز الإخصاب.
المحامي قال للمحكمة :
(هذا الحمل من غير ارتباط شرعي بينهما مما يجعل هذا الحمل سفاحاً).
جريمة.. "حمل سفاح"
النيابة العامة جرَّمت الزوجة السابقة على إقدامها على هذه الفعلة غير المسبوقة.. وبما أنه لا يوجد قانون ينص على هذه الجريمة المستحدثة فأكتفت باتهامها بـ(التزوير في أوراق رسمية) لكي تكمل عملية الحمل، وأنها نسبت الطفل لزوجها السابق بشهادة الميلاد رغم علمها بأنه شرعاً ليس بأبيه.
المحكمة تحتار
المحكمة احتارت في أمرها ورأت أن النسب صحيح لتطابق الحمض النووي وحكمت بصحة نسب الطفل لأبيه. واحتفظت للأب بحق نقض الحكم والطعن فيه والمطالبات الأخرى، وحوَّلت القضية برمتها لمجلس الفتوى والإرشاد للفصل فيها.
*قرار صادم*
جاء رد الإفتاء بأن التراضي كان قائماً بين الطرفين آنذاك، وحينما حدث الطلاق لم يطلب أيٌّ من الزوجين التخلص من متعلقاتهما المحفوظة لدى "مركز الإخصاب"، وهذا أعطى الحق للأم بأن تواصل المسير في إجراءات التخصيب الصناعي لتحقيق أمنيتها، وأنها لم تأخذ من حيوانات زوجها المنوية شيئاً بعد الطلاق ولم تقابله.. فإنها بذلك تكون استخدمت جزءاً من حقوقها وأن الحمل صحيح وأنّ يُنسب الابن لأبيه .
*س : لو كنت قاضي مختص أو عرض عليك ملف القضية .. ما هو الرأي القانوني الذي تراه صائباً لما أسلف بيانه أعلاه ، وهل تؤيد ما جاء به مجلس الإفتاء حول القضية ؟*